الاثنين، 22 أكتوبر 2012

حبيبتى العمياء .. عهد بالوفاء ( قصة قصيرة بقلمى ) إهداء لروح طه حسين


انتهى سامح طالب الماجستير مِن محاضرة

علم النفس التربوى ، وتبقّتْ ساعةٌ على

المحاضرة التى تليها ، فنزلَ إلى كافتيريا الكلية

ليحتسىَ الشاى هناك ....

وهامَ فى دنيا الأشجار بخُضرتها الجميلة

وشردَ مع ورورد البنفسج رائعة المنظر

وما إنْ جلسَ حتى جلستْ بجواره فتاةٌ

وقد سحبتْ زميلتها الكفيفة ، وأجلستْها بجوارها

وأخذتْ الفتاتان تتكلمان عن صعوبة علم النفس

التربوىّ ؛ فجذبَه الحوار ، واستنتجَ بعض الحزن

فى كلام الفتاة الكفيفة ؛لإحساسها بالغربة بسبب

دراستها فى جامعة الإسكندرية البعيدة عن

والديها بالقاهرة ، فتدخّلَ فى حوارهما مدافعاً

عن علم النفس ، وفائدته فى معاملة الطلاب ....


وهنا قالتْ الفتاة المبصرة ؛ بأنّ وقت المحاضرة

قد حانَ ، وعليهما الذهاب فوراً ، ولكنّ الفتاة

الكفيفة قالتْ بأنّها تشعرُ بصداعٍ ، ولن تحضرَ

تلك المحاضرة ، وإنّما ستنتظرُها هنا فى

الكافتيريا ، فانصرفتْ صديقتها ، وجلسَ سامح

مع الفتاة الكفيفة ، وعرفَ بأنّ اسمها ( أسماء )

وأنّها بالصفّ النهائىّ بالجامعة ، وأخذَهما

الحوارُ العلمىّ ، وتأخّرتْ زميلتها ، وزادَ الصداعُ

وأمسكتْ برأسها متألمة ، فأشفقَ سامح

لحالها ، وعرضَ عليها أنْ يوصلَها لبيت الطالبات

القريب مِن الجامعة ، فوافقتْ على حياءٍ ....

وخرجا سوياً ، وأسندتْ يدها على ذراعه ، واتجها

محاذيين لساحل البحر الأبيض المتوسط ، فحانتْ

منها ابتسامةٌ رقيقةٌ ، فبادرَها :

أظنكِ تحبين شاطئ البحر؟

فردّتْ : وأنتَ ؟

فقال بشجنٍ : عند الغروب فقط !!

فابتسمتْ قائلةً : إذاً أنتَ رومانسى !!

وسكتَ قصيراً يتأمَّل فى وجهها الأبيض الصافى

فأدهشَه رقتها وخجلها الشديد ، وقد اقتربتْ

منها طفلةٌ صغيرةٌ تلعبُ أمام الشاطئ ، فمدَّتْ

يديها تداعبُ شعر الطفلة ، فى حنانٍ رائعٍ

كأنّما هى أمها التى أنجبتها ، ثم أكملا المسير

وأخذَهما الحوارُ ؛ حتى وصلا لبيت الطالبات

فودَّعها وقد عرضَ عليها أنْ ينتظرَها فى الكلية

ليشرحَ لها بعض الدروس الصعبة ...

وتقابلا فى الكلية ، وأخذَ يشرحُ لها ما صعبَ عليها

وقد ارتاحتْ كثيراً لصوته الشجىّ الحنون ، وخرجا

سوياً للبحر ، وسألها عن سرّ حُزنها ، فقالتْ

بأنّها حزينةٌ ؛ لبعدها عن أمها ؛ حيث تشكو

لأمها كلّ ما فى داخلها ، ثم فاجأته :

طبعاً أنتَ تتعجب مِن أنّ كلّ ملابسى سوداء

اللون ! .. ولكننى بصراحةٍ أعتبرُ اللون الأسود

هو ملك الألوان ، فعندما كانتْ الدنيا ظلاماً أمام

عينى ، وكنتُ وقتها أكرهُ اللون الأسود ، لكنّ

معلمتى أقنعتنى بأنّ اللون الأسود ليس سيئاً

لأنه سيكون زىّ التخرُّج من الجامعة

فأحببتُ ذلك اللون مِن بعدها ...

وتوالتْ اللقاءاتُ بينهما ، وأصبحَ صوته هو نورُ

عينيها الذى بعثَه اللهُ لها ، وأما سامح فأصبحَ

مشدوداً لرقتها وخجلها الشديد ، وتسامُحها

الرائع مع الأيام ، ومع الابتلاء الذى امتزجَ بإيمانٍ

جميلٍ ، ورضاً بقضاء الله وبقدره ، ومازالَ يفكرُ

فيها كلّ لحظةٍ ، واتصلَ على محمولها ؛ ليقولَ

كلمةً واحدةً تختصرُ كلّ مايشعرُ به :

أحبكِ يا أسماء

فردتْ باسمةً : ستعرف ردى عندما تحضر

ولما حضرَ سامح كان ردُّها رقيقاً مثلها ، إذ

أعطته وردةً حمراء ، عبّرتْ عن حبّها ، وخجلها

الجميل ، وسارا كالمعتاد إلى شاطئ البحر

يتساقيان الغرام ، ويتناجيان العشق الجميل..

وفاتحَ أمه فى الزواج منها ، لكنّ أمه أشفقتْ

عليه قائلةً بشجنٍ :

يا ولدى أنتَ رجلٌ ، ولكَ احتياجاتٌ كثيرةٌ ، ولن

تسعدَ فى الزواج مِن عمياء تريدُ مَن يخدمُها ...

لكنّه أصرّ على الارتباط بمَن أحبّها قلبُه ...

وهامتْ بها روحُه..

ونجحتْ أسماء ، وحصلتْ على شهادة التخرج

وذهبتْ لمدينتها ، وظلتْ تحلمُ باتصال حبيبها

ولكنها كانت على موعدٍ مع العذاب ، حيث اتصلتْ

أمه بها مستعطفةً ومتوسلةً قائلةً :

معذرةً ابنتى

ليس عندى ابنٌ غيره

ليُسعدكِ اللهُ مع زوجٍ آخر

أرجو وعدكِ بأنْ تبتعدى عنه

فقررتْ أسماء التضحية بمَن أحبّتْ ، وأغلقتْ

محمولها نهائياً ، وضلّ سامح الطريق بحثاً عنها

ولم يجدْها حيث ذهبتْ للأبد ، ولن تعودَ ....

واتجهَ وحيداً لشاطئ البحر وقت الغروب ..

فالآن فقط عرفَ لماذا يحبُّ الغروب ، وتهادتْ

إلى مسامعه مِن بعيدٍ أغنية المطرب السعودى

محمد عبده ( الأماكن ) فسالتْ دموعُه مع صوته

الخليجىّ الشجىّ ، ومضى لا يدرى أين يسير ؟!!

تمت بحمد الله
بقلمى
سمير البولاقى

15 مارس 2009

ملحوظة : أرجو من الأخوة الذين ينقلون قصصى الى المواقع الأخرى ، بأن يكتبوا أسفلها كلمة ( منقول ) منعا للإحراج ، لأنى أتابع قصصى فى كل المواقع ، وكل قصصى مثبتة بكل الطرق القانونية ، للحفاظ على حقوقى الأدبية وللجميع الشكر....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق