السبت، 20 أكتوبر 2012

وحدى مع الأحزان ( قصة قصيرة بقلمى)

 
جلسَ صابر وحده فى منزله ، وتذكر كيف طلّق

زوجته شديدة المادية ، وحمدَ الله أنّه لم يُرزَقْ

منها بطفل ؛ فيرتبط بامرأةٍ تحيا مِن أجل المال

وحده ، وتذكّر كم خسرَ كثيراً مِن ماله الذى

ادّخره ؛ ليضيعَ فى زواجٍ تعيسٍ استمرَ عامين

مِن النكد والمشاجرات اليومية ، وأخذتْ طليقته

متاع البيت كله ، فأغلقَ البيت الفارغ

مِن المتاع لحين بيعه .....


وعاد لمنزل أمه وحيداً كئيباً ، يأتى مِن عمله

المرموق ، وينزل فقط مِن منزله لأداء الصلوات

فى المسجد ، وكلما خرج مِن باب المسجد

وجد فتاةً تنظرُ مِن نافذةٍ فى الطابق الأرضىّ

المواجه لباب المسجد ، فيخفض عينيه خجلاً

ولكنه يشعرُ كمن يعرفُ تلك الفتاة ، وظلّ كلما

خرج مِن الصلاة وجدها تنظرُ مِن النافذة تبتسمُ

وبينما هو ذات مرة فى منزله إذا بتلك الفتاة

تدق باب منزله ، ويندهش متعجباً....

ولكنّها تبادرُه قائلةً بأنّها صديقة لأخته وتريدها

حالاً ، وتأتى أخته لمصافحتها ،وتعرّفه بها

ويتحول إعجابه بها إلى حبٍّ جارف يجعله

يحبُّ الحياة ثانية بعد أنْ زهدها ...


ولكنها الدنيا التى كلما ابتسمتْ لنا كشّرت

عن أنيابها ، وعزّ عليها إلا أنْ تفرّقَ بينه

وبين صديقته الملازمة له وهى الأحزان

حيث جاءتْ ( طليقة صابر) فجأة وبعد شهرين

من الطلاق ؛ لتخبرَه بأنها اكتشفتْ حملها

وإنها نادمةٌ على قسوتها السابقة ، وتريدُ

العودة للزواج ، وحتى لا يخرج طفلٌ برئٌ

للدنيا فيجد والداه منفصلين ، ونزلَ الخبرُ

على (صابر) كالصاعقة ، ماذا يفعلُ مع

ما حدثَ ، حتى اتصلتْ به حبيبته فى

التليفون ؛ لترفعَ عنه الحرج ، وتطالبه بالعودة

لزوجته ، وأنْ يكون رحيماً بوليده الذى سيولدُ

وترجوه عدم الاتصال بها ثانية ، وفعلاً

اختفتْ تماماً كالملح فى الماء ....


وتعرّضَ صابر لضغوطٍ كبيرةٍ مِن الأهل

والأصدقاء ...فالكلّ يلحّ عليه أنْ يعودَ لزوجته

حتى عادَ اليها ، ولم تمرّ أيامٌ قليلةٌ حتى عادتْ

زوجته لماديتها وعنجهيتها ، وكشفتْ عن

وجهها القبيح ، وصابر تائه فى الحياة ، خارج

المنزل طوال اليوم ، حتى جاء متأخراً ذات

مساء ، فإذا بها ترفعُ صوتها عليه ، وجرحتْ

كرامته ، فلم يتحملْ ذلك ؛ فضربها بيده على

وجهها ، فتهاوتْ على الأرض ، وحدث لها

نزيف ، ونُقِلتْ للمستشفى ، وسقط الجنين

فى بطنها ، واتهمتْ - هى - وأهلها

بأنَّ صابر ضربها بشدة ، وأنه السبب فى

سقوط جنينها ، فقبضتْ الشرطة على

(صابر) أما زوجته فبكل ماديةٍ بل وبكل وقاحةٍ

اشترطتْ عليه بأنه يمكن أنْ تتنازلَ عن اتهامها

بشرط أنْ يتنازلَ عن منزل الزوجية لها


وفعلاً خرجَ مِن السجن ،وطلّقها للمرة

الثانية ، وعاد ثانية إلى منزل أمه ، وسألَ

أخته صديقة حبيبته عنها ، فأخبرته بأنه

بمجرد زواجه جاءها خطيب ثرىّ فى السلك

الدبلوماسى ، وتزوجتْ بسرعة ، وسافرتْ

مع زوجها إلى النمسا ؛ لأنه يعمل بالسفارة

المصرية بالنمسا ، فاستقبلَ (صابر) الخبر

بابتسامةٍ ساخرةٍ كشفتْ عن نظرةٍ حزينةٍ

خبأّتْ معها مرارةً دفينةً ، وعاد للمسجد يصلى

ويخرج ؛ لينظرَ إلى نافذة المنزل المغلقة دوماً

فيمضى هائماً ؛ ليعودَ إلى منزله حيث

الوحدة مع صديقته الوحيدة ...الأحزان...

تمت بحمد الله


بقلمى

سمير البولاقى


ملحوظة : أرجو من الأخوة الذين ينقلون قصصى الى المواقع الأخرى ، بأن يكتبوا أسفلها كلمة ( منقول ) منعا للإحراج ، لأنى أتابع قصصى فى كل المواقع ، وكل قصصى مثبتة بكل الطرق القانونية ، ولهم الشكر....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق