الأحد، 28 أكتوبر 2012

القصة القصيرة ( دراسة أدبية ونقدية )

مقدمة :

بدايةً أشيرُ بأن سبب كتابتى لهذا

الموضوع هو شيئان : -


أولهما :-

 أنى لاحظتُ بأن بعض مَن يكتبون القصة

 القصيرة تفوتهم بعض عناصرها

 مما يبعد ما يكتبون عن القصة القصيرة....


والشيئ الثانى : -

 هو أن بعض من يقرأون القصة القصيرة

 يركزون فيها على الحكاية أو الحادثة

 ويتغافلون عن الالتفات لعناصر أخرى مهمة....

ما هو المراد من القصة القصيرة ؟ :

تعتبر القصة القصيرة فناً أدبياً نثرياً

 يكتفى بتصوير جانبٍ واحدٍ من جوانب الفرد

 أو زاويةٍ واحدةٍ ، أو موقفٍ من مواقف الحياة

 أو خلجة نفس ، تصويراً مكثفاً

 يسايرُ روح العصر ..

متى نشأتْ القصة القصيرة ؟

ولقد نشأتْ القصة القصيرة فى منتصف القرن

 ال19م فى روسيا على يد (جوجول) ثم انتقلتْ

إلى أمريكا فأوروبا ، وكان ازدهارها فى

 القرن العشرين حينما تعددتْ اتجاهاتها

 وكثر كُتابها ، واحتفلتْ بها الدراسات الفنية...

ماهى السمات الفنية للقصة القصيرة ؟:

تعتبر القصة القصيرة أقرب الفنون الأدبية إلى

 روح العصر ، لأنها انتقلتْ بمهمة القصة

الطويلة - أى الرواية - من التعميم إلى

 التخصيص ، فلم تعد تتناول حياة بأكملها

بكل ما يحيط بها من ظروفٍ وملابساتٍ مثل

 الرواية ، وإنما اكتفتْ بتصوير جانبٍ واحدٍ

 من حياة الفرد أو خلجةٍ واحدةٍ من خلجات

 النفس تصويرا مكثفا يساير روح العصر فى

 إيجازٍ ، بكلماتٍ منتخبةٍ تؤدى إلى جلاء

 حقيقةٍ واحدة ٍ، أو تحديد رأىٍ معينٍ

 أو نقل انطباعٍ خاصٍ ...

ما الفرق بين القصة القصيرة والرواية ؟ :

إذا كانت الرواية - أى القصة الطويلة -

تتناول قطاعاً طولياً من الحياة ، فإن القصة

 القصيرة تتناول قطاعاً عرضياً ، وإذا كانت

 الرواية تتوغل فى أبعاد الزمن ، فإن

القصة القصيرة تتوغل فى أبعاد النفس البشرية...

ماهى الأسس البنائية للقصة القصيرة ؟

إنه لما كانت القصة القصيرة تعد من أصعب

الأشكال الأدبية ، فإنّ نقاد هذا الفن الأدبى

 يحاولون وضع مجموعةٍ من المقومات

 والمبادئ تشكّل أسسه البنائية الفنية ، حتى

 يترسّمها كل من يريد الإبداع فى

 هذا المجال ومنها :-

أولا مبدأ الوحدة : -

 
وهو أساسٌ جوهرىٌّ من أسس بناء القصة

 القصيرة فنياً ، فالقصة القصيرة يجب أنْ

 تشملَ فكرةً واحدةً تعالَج - بفتح اللام -

حتى نهايتها المنطقية بهدفٍ واحدٍ ، وطريقةٍ

 واحدةٍ ...وإن هذا المبدأ هو الأساس الذى

يميز كل قصةٍ قصيرةٍ جيدةٍ عن غيرها

 إذ إن طبيعة القصة القصيرة لاتسمح

 بعناصر مختلفة تدخل فى سياجها ...

ثانيا مبدأ التكثيف : -

 
حيث إن القصة القصيرة هى الفن الأدبى

 الشديد التكثيف والتركيز والموضوعية

 ومادامت القصة القصيرة تعالِج موضوعاً

 واحداً ، أو جزئية من جزئيات حياة شخص

 ما ، ويتلقى القارئ أثرها ككلٍ ، وفى

الحال وبسرعةٍ أيضا ، فإنّ عنصر التركيز

 يجب أن يكون مقوِّما - بكسر الواو-

من مقوماتها الإيجابية الخاصة بها .

ثالثا تفاصيل الانشاء : -

وذلك حرصاً على تأكيد مبدأ (الوحدة) أولاً...

و(التكثيف) ثانياً... فإنَّ تحقيقهما يتطلبُ

 عنايةً خاصةً فى كل ما يتصل بتفاصيل

 بنائها وانشائها...وذلك ضماناً للإحكام

الفنىّ...وعلى هذا فإن التفاصيل يجبُ

 أن تكون جزءاً فى البناء الكلىّ .

ماهى الشروط التى يجب مراعاتها فى القصة القصيرة ؟ :

(1) الشخصيات : -

 
حيث يُشترَط فى القصة القصيرة - إذا

ماتعددتْ فيها الشخصياتُ لسببٍ ما - أن

 تكون جميع شخصياتها فى التحامٍ تام

 وتوافق كلىّ ، فتبدو كل شخصيةٍ كما

 لو كانت منسوجة فى الأخرى ، حتى

 تتحقق للأثر وحدته ، ولاتحتاج القصة

القصيرة إلى الجرى وراء شخصيات ثانوية

 كما أن الوصف الطويل للشخصية ، قد

 أصبح زائداً عن اللزوم..

(2) الحوار : -

 وقد تشمل القصة القصيرة(حوارا) قليلا...

وقد لاتشمل أى حوارٍ على الإطلاق ، وإذا

 وُجِد الحوار فإنه ينبغى أن يكون عاملاً

من عوامل الكشف عن أبعاد الشخصية

 أو التطور بالحدث ، أو تجلية النفس الغامضة

 أو إيضاح الفكرة المراد التعبير عنها ...

(3) الصراع : -

 حيث يُعتبَر بمثابة العمود الفقرى

 فى بعض القصص القصيرة...

وقد يكون الصراع ( خارجياً ) : -

 أى يدور خارج الشخصية فى البيئة المحيطة ...

وقد يكون الصراع (داخليا) : - 

أى يعتمل فى أعماق الشخصية من الداخل ..

وهو فى الحالين لابد أن يكون ذا قيمةٍ

  وغير مفتعلٍ ، حتى يمكنَ تقبّله

 وليبلغ تأثيره فى النفس...

(4) التشويق : -

 لأنه يجب أن يكون هناك ترقّبٌ وتلهّفٌ

 من جانب القارئ ...وهو مايجعلهم

 يشترطون فيها أن يكون التشويق

 أساس المتعة الفنية فيها...

(5) الصدق : -

بمعنى أن تكون القصة القصيرة صادقة

 مع الواقع الذى تُقدَّم إليه ، أى أن تكون

 كل عناصرها وأجزائها وتفصيلاتها

 مقنعة عند اختيارها..

ما هى اتجاهات القصة القصيرة فى المجتمع ؟ :

أولا الاتجاه الرومانسى : -

وذلك فى الثلاثينيات حيث تأثر الكتّاب

 بالاتجاهات الأدبية الفرنسية ، وظهرتْ

موضوعات الحب عند يوسف السباعى

 وإحسان عبد القدوس ...ولكن محمد

عبد الحليم عبدالله عبَّر عن مأساة الانسان

 الريفى الذى يطحنه الفقر....

ثانيا الاتجاه الواقعى : -

وظهر بعد الحرب العالمية الثانية كرد

فعل لحركة المجتمع فى السياسة والاجتماع

والاقتصاد ....وراينا محمود بدوى يكتب

عن عمال التراحيل لأول مرة فى الأدب

 المصرى الحديث....ولكن يعتبر

 ( يوسف ادريس ) فى الستينيات هو أبرز

 الكتّاب الواقعيين ، حيث جعل القرّاء

 العاديين يهتمون بمتابعة القصة القصيرة

 لأنه كتب مالم يبح به زملاؤه ، وكان

 منطلقه ثورياً تقدمياً، ورؤيته الفنية

 شاملة ، وواكبتْ قصصه حركة المجتمع

وتطورها ، وصدرتْ له أول مجموعة

 قصصية عام 1954 بعنوان

 (أرخص ليالى) وتحدث فيها عن

 أخطر مشكلةٍ تواجه المجتمع المصرى

 وهى مشكلة تنظيم الأسرة....

وختاماً :

أرجو أن يكون بحثى المتواضع هذا

 عاملاً مساعداً لإخوانى الذين يكتبون

القصة القصيرة ...وكذلك لتفتيح مجال

 الرؤية والنقد لمن يقرأون هذا الفن....

هذا البحثُ من إعدادى الشخصى
سمير البولاقى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق