الأحد، 9 نوفمبر 2014

نوارة وغيوم الأحزان ( قصة قصيرة بقلمى )



( 1 )

جاء المساءُ و ( نوارة) تتدثرُ فى فراشها

من شدة البرد ، وتصغى لصوت حليم الهادئ

ينبعثُ : بحلم بيك أنا بحلم بيك ، وبأشواقى مستنيك

فتتخيل زوجَ المستقبل الذى سيُحيطها بالسعادة

والأمان ... وإذا برياح شديدة تهبُّ فجأة ، ويدخلُ

أخوها ؛ ليبشرَها بأنّ صديقه ( رجل الشرطة )

قد طلبَها للزواج ، وسيأتى بعد قليل مع عائلته

للاتفاق على موعد الزفاف ، ولم تدرِ ( نوارة )

ماتقوله ، فنظرتْ للنافذة تراقبُ الزهورَ حول بيتها

وقد تناثرتْ أوراقها البريئة بفعل الرياح العتيّة

فشعرتْ بقلبها ينقبضُ متأثراً لاغتيال الورد

على يد الطبيعة القاسية ......

( 2 )

تمّ الزواجُ الرسمىُّ بسرعة ، لتستيقظ ( نوارة )

على طبائع زوجها العنيفة ، وغيرته العمياء

والتى تحوّلتْ إلى الضرب والسبّ والشتم إذا

خرجتْ من بيتها ، حتى ولوذهبتْ لرؤية أمها

القريبة مِن منزلها ... فهل هذا هو الرجلُ الذى

تمنتْ أنْ يُسعدَها ؟!

وهاهى زهرة شبابها تفنى وتذبلُ روحُها كلما

أقبلَ هذا الزوجُ من عمله ؛ ليُلقِىَ على وجهها

تحية المساء بالصفع العنيف ، ثم يعقبه بأناشيدَ

مِن الشتائم والسبّ .. فما أصعبَ شعورَها

المرير بالإهانة ! والذى تحوّلَ مع الأيام إلى

بكاء صامت تاركاً آثارَه الحزينة فى أعماق

القلب الجريح ، ومازادَ مِن مرارتها هو أطفالها

الثلاثة الذين أنجبتهم تباعاً بعد فترة قليلة

من الزواج ، فكم نقاسى من أجل حرصنا

على فلذات أبنائنا .....

( 3 )

تَجمّدَ الحوارُ الإنسانىُّ بين الزوجين ، وكلما

استسلمتْ ( نوارة ) لشتائم زوجها ازدادَ غيظاً

لأنّ نفسَه المريضة كانت تتمنى لو تقاومُه زوجتُه

حتى يُزيدَ مِن إهانته لها ، ولكن برودَها تجاه

تعذيبه قد قتلَ داخله الشعورَ السادىّ الفظيع

وعندما لم تشبعْ نفسُه المتسلطة العنيفة

اتجه يبحثُ عن علاقة مع فتاة أخرى

تُشعره بجبروته وساديته الشرسة ......

( 4 )

وصلَ الغرورُ بزوجها أنْ بدأ يتحدثُ علناً بتليفون

المنزل مع أكثرَ مِن فتاة ، وهنا ثارتْ ( نوارة)

لأول مرة ؛ ليخرجَ مِنها بركانُ الكرامة الملتهب

ونهرته عن فعلته وهو واقفٌ لايبالى بثورتها

المتأججة ؛ فتترك له المنزلَ متجهة لمنزل أبيها

ويستغلُّ زوجُها خوفَها على أولادها ، فأخذ يغلقُ

عليهم المنزلَ طوال اليوم ، والصغارُ يبكون شوقاً

لأمهم ، ورعباً مِن الوحدة والسجن الظالم

حتى أبلغها الجيرانُ بما يتعرضُ لأطفالها من أبيهم

فنستْ كرامتَها ، وهرعتْ لتحضنَ أولادَها بدموعها

البائسة ، ويشعرُ زوجها بنشوة النصر ، فيعاودُ

تحيته لها بالصفع على وجهها ، ويسخر قائلاً :

لماذا عدتِ أيتها الناشز ... ارجعى كما كنتِ

فيعلو صوتُها جريئاً :لا لن أتركَ بيتى ..

بل غادره أنتَ إنْ شئتَ ...

فيحاولُ ضربَها بشدة لولا أطفالها الثلاثة والذين

شكلوا حول أمهم حاجزاً دفاعياً فيتراجع الزوجُ

بعد أنْ نزلتْ صفعتُه على رأس طفلته فأدمتها

فصرختْ ( نوارة ) بجنون وهستيريا خوفاُ على

ابنتها الجريحة وأخذتْ ترددُ :حسبى الله

ونعم الوكيل ... ربى ينتقم منك يا ظالم ..

( 5 )

مرّتْ أيامٌ وأيامٌ و (نوارة ) مع أطفالها بغرفتهم

وزوجها يتمادى فى علاقاته مع هذه المرأة وتلك

حتى شعرَ فجأة بمغص شديد فى بطنه والذى

عرفَ بعد ذلك أنه نتيجة ورم خبيث ؛ ليُصبحَ

قعيداً يحتاجُ مَن يرعاه ، وتحوّلتْ ( نوارة ) معه

إلى ممرضة وخادمة تؤدى حقّ الله فى زوجها

المريض الذى جعله المرضُ أكثرَ شراسة ، وأشدّ

سبّاً ، وزادتْ جنونُ غيرته على زوجته الجميلة

الشابة ، وأصبحتْ العصبية هى الصفة الملازمة

لكل تصرفاته و (نوارة ) ترددُ قولَ الله تعالى :

(
إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )

( 6 )

ومرّ عامٌ ونصف واشتدتْ الحالة المرضية بزوجها

سوءاً بعد سوء ، حتى تمّ إيداعُه المستشفى

ليتمّ رعايته الدائمة وعمل الكيماوىّ اللازم

وأحسّ الزوجُ بالشوق لمَن أهانها سنواتٍ

وسنواتٍ ، ولما حضرتْ ( نوارة) لزيارته التى

تمناها طوال ليله ، لكنّ المرضَ الملعون سلب

منه نورَ عينيه ؛ ليذوقَ البكاء لأول مرة بحياته

ولما انصرفتْ زوجته ، داهمته سكراتُ الموت

ولاحتْ له فى الأفق مِن بعيد قول الله تعالى :

(
وجاءتْ سكرةُ الموتِ بالحقِّ ذلك ماكنتَ مِنه تحيدُ )

وظلّ يرددُ : نوارة ... نوارة ... نوارة

سامحينى يانوارة ... ثمّ صعدتْ روحُه لربها

تمتْ بحمد الله

بقلمى
سمير البولاقى
الأحد : 29يناير2012

ملحوظة :أهدى تلك القصة لصديقتى الغالية ( n )
وأروجو ممن ينقل قصصى لأى موقع آخر بأن يكتب فيها أسمى
أو يكتب منقول لأن قصصى مسجلة بكل الطرق القانونية وتحياتى للجميع

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

أناجى الحبيبَ فى وحدتى ... تائية الشوق ( قصيدة بقلمى )




وفى المساء أناجى الحبيبَ ووحدتى



فتنصهر نبضاتُ قلبى وعزفُ ناياتى


وتشخص عيونى متعبة كالسُّحُب الحَمراوات


أوَ نامَتْ الأحبَّة وأنتَ ساهرٌ بالحسَرات


تناجى روحَهم بشوق حزين ورثاءات


*******************

ترسِلُ آهة على البُعد بالهمسات


فهل يُصغون لأنين المُتيَّم بالعبَرَات

حالِماً فهل ثَمَّ أملٌ فى قرب ونظرات


أمْ تَراهمُ كأصحاب الكهف فى سُبات


*******************

أضناكَ المَسيرُ فى تِلكمُ الحارات



أملاً فى لُقيا أحبابٍ يَقبعون بالحُجُرات

فأضحَى رفيقَك الهمُّ والشَقَوات

تَبتهِلُ - راجياً - لربِّ الأرض والسماوات


فى قربهم لتَحلو فى حَضرتهم الحكايات

وتتزينُ - بالجمال - الطبيعة وتتفتحُ الزهرات


*******************

فمتى أرنو لعيونِهم وتفرحُ يداىَ باللمسات


وتحيا الروحُ بشدو الطيور الباسمات


وتنأى عن صدورنا أناتُ الحنين والآهات

فصبراً يا نفسُ .. فالغدُ آتٍ آتٍ بالضحكات


أحبُّكِ يا مَن حصرتِ الفرحة فى حضنكِ والقبلات


بقلمى
سمير البولاقى

القاهرة
15 سبتمبر 2014

الجمعة، 21 فبراير 2014

(حبيبى : سألقاك بالجنة ) قصة قصيرة بقلمى :


خرجتْ (هيام) مِن مدرستها الثانوية تتلفتُ بحثاً عن

 حبيبها فى تلك المدينة الصعيدية المتعصبة للتقاليد

 فى جنوب مصربمحافظة (قنا) فوجدتْ حبيبَ

القلب يقتربُ منها فى حذر مِن العيون المتربصة

 وقد رمى فى يدها رسالة يبث فيها غرامَه لها


فجرتْ لمنزلها يُصاحبُها الفرحُ والخجلُ معاً

 وجلستْ على فراشها تقرأ حروفه العذبة وقد نستْ

الطعامَ وكل ماحولها ، وظلتْ تعيدُ قراءة الرسالة

 حتى غلبها النومُ ومعه أحلامُ الحب البريئة

التى راودتْ عصفوراً صغيراً أصبحَ كلُّ حلمه أنْ

 يسكنَ بعُش بسيط يجمعُه ومَن يحبُّ ، واستعدتْ

 الأسرة لتناول الغداء ، وذهبَ (أبو هيام) لغرفتها

يوقظها لتناول الطعام فوجدَ ابنته نائمة تحتضنُ

رسالة حبيبها ، فجنَّ جنونُ الأب ، واشتعلتْ

عصبيته الصعيدية وأقسمَ بالطلاق أنْ يحرمَها مِن

 إكمال تعليمها ، وعدم ذهابها للجامعة بعد شهور

قليلة مِن إتمام المرحلة الثانوية ، بل وبحثَ

لها عن زوج له أبٌّ معروفٌ حتى يقتلَ قصة الحب

 التى يعتبرُها مُحرمة وتخالفُ بيئته الصعيدية

المتشددة ، بل وحددَ موعدَ زفاف هيام بعد أيام قليلة


**********
ولما علمَ (حبيبُ هيام) بماحدث أخذ أمه ذاهباً لوالد

 هيام والذى احتقرَ زيارتهم ، وسأله : أين أبوك

 يافتى ؟ قال الحبيبُ : أنا يتيمُ الأب ، فزاد احتقارُ

 والد هيام لزواره قائلاً : عندما يكونُ لك كبيرٌ

يافتى فليأتينى ، وأنا لن أزوجُ ابنتى لمَن لاكبيرَ

 ولاأب له وانصرفَ الحبيبُ يصحابُه الخزىُّ

والفشلُ والإحباطُ مُسلِماً أمره لله ...


*******
وأصبحَ الحزنُ والبكاءُ لايفارقان هيام ، وكل هَم

والدها هو الإسراعُ بالزواج حتى تنسى ابنته ذلك

 الحب بسرعة قبل أنْ يَستفحلَ أمرُه فى قلبها

وهيهات هيهات لمَن اقتحم الحبُّ قلبه أنْ يكونَ

النسيانُ سهلاً عنده !! ...


********

وجاء يومُ الزفاف والبيتُ يمتلأ بالزغاريد ومظاهر

 الفرحة التى عمتْ الجميعَ إلا قلبَ هيام الذى اعتبرَ

أنّ هذا اليوم بمثابة جنازة لقتيل قتلوه غدراً ألا وهو

 القلبُ الذى لايجدُ مَن يواسيه أو يعزيه فى مصابه

 بل الأدهى أنْ يشاركَ الأقربون منا فى الشماتة

والفرح بينما هو معذب جريح ...


**********

ومرتْ الأيامُ متلاحقة وأنجبت هيام البنين والبنات

 ولكن شيئين غرسا فى قلبها وهما : قلبُها الجريح

 الذى لم ينسَ حبيبَ القلب وكذلك كراهيتها لأبيها

الذى اعتبرته قاتلاً ، وحرمتْ على نفسها

زيارته حتى لاتدعو عليه كلما رأته وتذكرتْ أنه

 سبب مصيبتها حتى ماتَ أبوها بعد سنواتٍ قليلة

 ولم تذرفْ عليه دمعة واحدة ..


**********
ومرتْ خمسة عشرَ عاماً و( هيام) تعيش مع زوجها

 جسداً بلاروح وزادَ مِن حزنها قسوة هذا الزوج

الذى كان صورة مِن أبيها ويحملُ نفس قسوة أهل

الجنوب فى طباعهم الغليظة التى يعتبرونها

مَظهراً للرجولة ، وأنّ العطفَ والرحمة ورقة

 المشاعر هى بنظرهم آفة لاتصحُّ وطباع الرجال

 حتى مرضَ هذا الزوجُ بمرض شديد يصعبُ معه

 العلاجُ ، وتقف هيام موقف الزوجة الاصيلة 

بجواره ولكن تشتدُّ غيرة هذا الزوج مِن كل طارق

 يسأل عنه مِن الرجال عندما تحتفى به ربة البيت

 وتزدادُ القسوة وتتحملُ هناء تلك الإهانة من أجل

أبنائها وشفقة بحال مريض سقط ...


**********

وذات يوم حضرَ الطبيبُ ليتابعَ حالة الزوج وعندما

تحدثتْ هيام مع الطبيب الشاب جنَّ جنونُ هذا

الزوج فيقوم مِن فراشه ليضربَها أمام أبنائها

ويطلقها فى لحظة جنون فتعود لمنزل أمها الذى

شهدَ مقتل قلبها لتعودَ إلى رسائل حبيبها القديمة

 تعايشُ فيها آلامها وذكرياتها الحزينة ...


********
ويمرُّ شهران وهى فى وحدتها بمنزل أمها حتى

يأتيها خبرُ وفاة زوجها المريض فتعود لمنزل

زوجها تحتضنُ أولادها وتشاركهم البكاء فى

 مصابهم الجليل ، وتشتدُّ حالة البؤس وحمل الهموم

على تلك الأم المكلومة وتعودُ كل ليل تعاودُ القراءة

 فى الرسائل القديمة لتجدَ فيها سلوتها الوحيدة وتظل

 ساهرة حتى بزوغ الصباح وقد جفتْ الدموعُ فى

 مُقلتها دون أنْ تجدَ مَن يجففها أو يمسحُها بيده

 الحنون ...


******
وظلتْ هكذا شهوراً طويلة ، وبينما هى تسمعُ قرآنَ

 الفجر الذى كان يتلو سورة يوسف بكتْ عيونها

بحرقة شديدة وإذا بها تسجدُ لله فى صلاة الفجر

 وتصبُّ كل أحزان الايام وهمومَ الزمان فى

صلاتها وأخذت تدعو الله أنْ تلقَى حبيبَها فى الجنة

بعد أنْ حرمَها القدرُ وأبوها منه فى الدنيا ، وظلتْ

 (هيام ) لاتفارقُ الصلاة وقراءة القرآن أملاً فى

 رضا الله بلقاء حبيبها فى جنة الخُلد ...


.... تمتْ بحمد الله ....


بقلمى :
سمير البولاقى

القاهرة :
الجمعة 21 فبراير 2014


ملحوظة :
أهدى تلك القصة لصديقتى السيدة (H) وأرجو من
الأخوة الكرام الذين ينقلون قصصى إلى أى مواقع أخرى ؛ بأن

يكتبوا أسفلها كلمة ( منقوووول ) حتى لايتعرضوا للإحراج ، لأنى

أتابع أعمالى على كل المواقع ، وكذلك فإن قصصى مسجلة

بتاريخها بكل الطرق القانونية ؛ لضمان حفظ حقوقى الأدبية

وللجميع تحياتى ..

الأربعاء، 12 فبراير 2014

سمير البولاقى - الحلقة الرابعة



هذا رابط يوتيوب :
************
بلقائى الرابع بالتلفزيون المصرى الذى أذيع اليوم

وأتعرض فيه :
*********
لقصة قصيرة كتبتها بعنوان :

( عندما بكى الطفل سعيد )

وأتمنى أن تنال إعجابكم ..

وتحياتى للجميع :
************
سمير البولاقى

https://www.youtube.com/watch?v=epDLjXFFSBs