الجمعة، 27 مارس 2015

أحزان البرنسيسة هيام (قصة قصيرة بقلمى )



غادرت (هيام) أسبانيا عائدة إلى القاهرة

قبل نهاية رحلتها السياحية بيوم واحد

 لظروف الطيران بعد أن قضت أسبوعاً

هناك لوحدها بعدما تعلل زوجُها رجل الأعمال

 بمشاغل عمله الكثيرة وعدم قدرته على

الذهاب معها هذه المرة ، وجرت متلهفة على

منزلها ؛ لتفاجئَ زوجَها بهديتها وقد ملأها

الشوقُ الكبير والحنينُ الجميل له ...

**********

وعدما دخلت غرفتها تفاجآت بخادمتها

فى أحضان زوجها على فراشها وقد أخذتها

المفاجأة وصعقتها الصدمة المدوية ، فى حين

أسرعَ زوجها وبكل هدوء بإخراج ورقة رسمية

تفيد بأنه قد تزوَّج الخادمة على سُنة الله

ورسوله وأنه لم يرتكبْ أى فاحشة ؛ لأنَّ

الله تعالى قد حلل تعدُّد الزواج للرجل ، فلم

تملكْ (هيام ) إلا أنْ تبصقَ على الأرض

وتغادرَ منزلها متجهة لمنزل عائلتها ...


**********

وفى الطريق : وقد أظلمَ الكونُ الشتوىُّ البارد ،

وامتلأت السماءُ بالسحب والغيوم ، وكأنَّ

الطبيعة تتآمرُ على الكون ، وتخنقه بلا رحمة

فيبدو وقد غابت عنه الشمسُ كعجوز يحتضرُ

 وحيداً ، ثم أخذت ( هيام ) تتذكرُ ظروفَ زواجها

من ( عامر بك ) ابن عم والدها حيث ينتميان

إلى سلالة الملك فاروق ، وكيف كانت الفتياتُ

يتنافسن على الزواج من هذا الرجل الثرى الذى

عاد لمصر بعد إنهاء دراسته بجامعة كمبريدج

ببريطانيا ، وكيف باركتْ العائلة هذا الزواج الذى

 يدعم الميراث ويزيد من التحام المشاريع

المشتركة بين أبناء العم ، وكيف مرت الأيامُ

بينهما فى قصة حب كبيرة عنيفة ، ولكن للأسف

 بعد مرور السنوات لم تنجبْ هيام ، وقال الأطباءُ

بأنّ السببَ مِن زوجها وليس منها هى ، ومع

ذلك : فقد تحملتْ ( هيام ) حرمانها مِن عاطفة

 الأمومة ، وصبَّتْ كل مخزونها من الحب الأنثوىِّ

لهذا الزوج وحده ، واعتبرته كل عالمها ، ولم

تشعرْه لحظة واحدة بأنها مستاءة لحرمانها

  بسببه مِن الأمومة حتى مرور خمس وعشرين

عاماً على زواجها منه ...


**********

ولما وصلتْ لمنزل عائلتها ، وطلبتْ مِن أخيها أنْ

يسعى فى طلاقها من هذا الرجل الذى صدمها

صدمة العمر ، ولكنَّ أخاها رفض فكرة الطلاق ،

حيث إنَّ تقاليدَ عائلتهم العريقة التى تمتدُّ للجذور

 الملكية لايصحُّ فيها فكرة الطلاق ، وكذلك : فإنَّ

 هذا الطلاقَ سيتسببُ عنه فكُّ وحل

للمشروعات المشتركة بين العائلتين ...

ولما يئستْ ( هيام ) من تحقيق الطلاق تركتْ

الإسكندرية مسقط راسها ورحلتْ للقاهرة

وحدها ؛ لتستأجرَ شقة خاصة أمام الأهرامات

ودفنتْ أحزانها مع وحدتها القاتلة المريرة ....


**********

وبعد فترة : زارتها صديقة عمرها ؛ لتطمئنَ عليها

 وقد تفاجأتْ بأنَّ منزلَ  هيام بالقاهرة قد أضحى

قبراً مغلقاً على صاحبته ، حتى نوافذ المنزل

كلها قد باتت مغلقة من زمن ، وأن الهواء لم يعد

يدخل منزلها ، وكذلك احتجبت الشمسُ عن

المرور بأشعتها لغرف البيت الخانق . وزاد من

دهشتها أنَّ ( هيام ) لاتسمحُ لأى كائن

بمشاركتها فى وحدتها الجديدة غير القط

مشمش ، وأن هيام لاتغادرُ منزلها أبدا بل

 تقبعُ فيه كل الوقت ، وتكتفى بإرسال حارس

المنزل لشراء الطلبات اللازمة للبيت ، وقد زاد

 وزنُها بشكل ملحوظ ، وباتت نظراتُ عيونها

ممتلئة بالحزن الغاضب الساكن ، وقد علاه حقدٌ

رهيبٌ وكراهية عمياء لكل شيئ حولها إلا قطها

مشمش الذى تستأثره بالحديث والرعاية ...

ثم أذن لصلاة الظهر ، فأرادت صديقتها أنْ تصلىَ

 وقد دعت هيام لتشاركَها الصلاة ؛ حتى تخرجها

من حالة الاكتئاب التى أطاحت بنفسيتها ، ولكن

( هيام ) التى كتمتْ أحزانها الصامتة شهوراً

قد صاحت بهستيريا مندفعة كجواد بلالجام

وقالت : لن أصلىَ يا صديقة ؛ لأن الله صدمنى

فى أحب الناس لقلبى ، نعم لن أصلىَ

؛ لأنَّ زوجى عندما خاننى فى حضن الخادمة

استندَ فى رغبته الجسدية الحيوانية لكلام الله

فى تحليل تعدد الزواج ، فى حين أنه أبعدُ الناس

 عن الله ، ثم انفجرتْ ( هيام ) فى البكاء وصمتت

 طويلاً، وعبثاً حاولتْ صديقتها أنْ تهدئها وتذكرَها

بأن ماحدث لها ابتلاء مِن الله تعالى ، وأنَّ عليها

الصبر ، وأنَّ الله تعالى سيثيبُها على صبرها 

 الجميل ، وأخذت تدعو لهيام بالهداية والصبر ،

 ثم حضنتها وهى تقرأ قولَ الله تعالى :

 (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضرُّ وأنت

أرحم الراحمين )

-        تمت بحمد الله
   
بقلمى

سمير البولاقى
الجمعة 27مارس2015

ملحوظة :أهدى تلك القصة لصديقتى السيدة( h )

وأرجو ممن ينقل قصصى لأى موقع آخر بأن

يكتب فيها أسمى أو يكتب منقول لأن قصصى

 
مسجلة بكل الطرق القانونية وتحياتى للجميع