خرجَ سامح - كعادته - وحيداً مِن الكلية ، ثم عبرَ بابَ
جامعة القاهرة الخلفىّ ، بعد انتهاء المحاضرات ، وعلى
وجهه ارتسمتْ السخرية مِن الناس ونفاقهم ، وأما عيونه
العسلية فارتسمتْ عليها النظرة الحزينة مِن صدمات القدر
المتلاحقة ، ثم ركبَ العربة التى توصله لمنزله ، وظلّ
شارداً فى أفكاره ، وإذا بحبيبته التى يعشقها وقد جلستْ
بجواره ، وهو لايدرى ...
ولم يكنْ المكان وحده ليجمعه بزميلته ، ولكن الزمان أيضاً
فإنّ اليوم هو الأحد ، وهو يعنى الكثير لسامح فهو اليوم الذى
صارحَ هو وحبيبته ، كل منهما الاّخر ، وكان يوم الأحد
أيضاً هو اليوم الذى افترقا فيه عن بعضهما عاطفياً مع
احتفاظهما بصداقتهما ، كزميلين فى الكلية ، كما طلبتْ هى ..
وبعد أنْ اجتمعتْ تلك الأسباب....الأطلال...الذكريات...ألأيام
لم يتحملْ سامح أنْ يتذكرَ تلك الأيام الجميلة ، فكلما
تذكّر حلوها ، ازداد حسرة ومرارة على ما هو فيه الاّن
ولقد تعجبَ سامح لأنّ الساعة الآن الرابعة عصراً ، على
الرغم مِن أنّ حبيبته لا تظل فى الكلية بعد الساعة الثانية
ظهراً ؛ بسبب التقاليد الريفية التى ترغمُها على الذهاب
مبكرا لمنزلها ، لولا أنه تذكّر بأنّ اليوم يُعقد فيه امتحانٌ
فى وقت محدد ، فقال فى نفسه :
يالها صدفة أعجب من العجب ، أيمكن أن يحدث كل هذا فى
يوم واحد لايفارقنا ، وهو يوم الأحد؟!
وإذا بحبيبته تتصفحُ أوراقه التى معه كزوجةٍ تشكُّ فى زوجها
فوجدتْ ورقة تحوى أفكاراً سياسية تراها خطيرة ، فبادرته :
ألم أنصحْك مِن قبل بأنْ تبتعدَ عن تلك الافكار ، ولقد
وعدتنى وقتها بأنكَ بالفعل قد ابتعدتَ عنها ؟
فرد عليها سامح :
بلى ابتعدتُ عنها فى الماضى ، كما كنتِ تطلبين ، ألم
تسألى نفسكِ لماذا ؟ لأنه كان ورائى دافع ، وهو أنى كنتُ
أعمل حساب أنّ هناك....إنسانة تحبنى ، وتخاف علىّ
وتبكى وتتألم لفراقى...إذا اعتقلونى ، ولكن اليوم....أين هو
الدافع ؛ فلقد افترقنا عاطفيا ، وصرحتِ لى بأنكِ كنتِ تكذبين
علىّ ،ولم تفكرى فىّ ، ولو للحظة واحدة ! ...على الرغم
مِن شدة حبى لك ، فبالله ما الذى يبعدنى عن تلك الأفكار الآن ؟
واغرورقتْ عينا سامح بدموعٍ عزيزة ، اجتهدَ فى منعها دون
فائدة ، ثم حدثتْ مفاجأة دوت برأس سامح ، إذ قالت المحبوبة :
تمهل فإنه فى ....
وآهٍ من كلمة ( فى ) بمفهوم حبيبته ، فلقد كانت تعنى كما
عرفها ، أى أنه يوجد حبيبٌ فى القلب ، ولكنها لم توضحْ
أى قلب بداخله سامح ، فبادرها سامح :
هل يوجدُ فى قلب أحد مِن الفتياتِ التى تزاملهما فى الجامعة؟
ومازالتْ تنفى أى اسم يذكره سامح ، وازدادتْ حيرته ، فهل
تتحدث عن نفسها ؟ وهل مازلت تحبه ؟ وأخذ يلح عليها
حتى جاءت محطتها ، فأرادت توديعه ؛ لتنزلَ مِن العربة
وهو يلح من تقصدين ؟ وإذا بها تحيره أكثر ؛ لكى تجعله
فى دوامة من الفكر ، ثم قالت :
إنى مسافرة إلى القرية عند عمى لمدة أسبوع ؛ لحضور عرس
ابنة عمى ، وستعرف ردى عندما أعود، أى يوم الاحد القادم
ثم نزلتْ بسرعةٍ ، وتركتْ سامح وحيداً يعانى الحيرة
متلهفاً فى انتظار الجواب يوم الأحد....
تمت بحمد الله
بقلمى
سمير البولاقى
تمت بحمد الله
بقلمى
سمير البولاقى
ملحوظة : هذه هى القصة الأولى التى كتبتُها فى حياتى
بالمفاهيم الفنية والعلمية للقصة ، حيث كنتُ لااأزال طالبا بجامعة القاهرة
....ورجاء على من ينقل قصصى لمنتديات أخرى أن يكتب أسفلها كلمة ( منقول )
حتى لايتعرض للإحراج ؛ لأننى أتابع قصصى فى جميع المواقع وكلها مسجلة
قانونياً ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق