الجمعة، 19 أكتوبر 2012

سارق الساندوتش ( قصة قصيرة بقلمى ) مع لقائى بالتلفزيون لمناقشة القصة


 
 
غادرَ الطلابُ فصلهم متجهين إلى معمل الكيمياء


وقد تركوا حقائبَهم فى فصلهم ، ولكنَّ الأستاذ


مسرور مدرس الرياضيات ومشرف اليوم قد سمعَ


صوتَ حركةٍ فى الفصل الفارغ مِن طلابه ، فدخلَ


هناك ، فاكتشفَ تأخر الطالب نشأت عن زملائه


ووجدَه يعبث بحقائب زملائه ، فظلَّ يراقبُه ؛ حتى


يضبطَه متلبساً بالسرقة ، فوجدَه وقد فتحَ حقيبة


زميله ، واستولى منها على ساندوتش ، وأخذ


يأكله بشراهةٍ عجيبة ، فأمسكَه متلبساً مِن قفاه


وسحبَه إلى حجرة المدير ، وهو يزفه فى الطريق


للحجرة قائلاً : تقدم أيها اللص...


فخرجَ بعضُ المعلمين مِن فصولهم على صوته العالى



وهاهو ذا الأستاذ عبد الجبار معلم اللغة العربية


والذى يُحفِّظ الطلابَ القرآن الكريم ، وقد نظرَ


الطالبُ المسكينُ إلى لحيته السوداء التى


استطالت وتدلَّتْ إلى رقبته ، راجياً أنْ يجدَ باباً


للرحمة والعفو عنه مِن هذا الموقف المحرج عند


هذا المتدين ، ولكن خابَ رجاؤه عندما هاجَ ذاك


الشيخ بصوتٍ أعلى مِن الآخرين ، صائحاً:


إنَّ هذا الطالب لص ومجرم ، ولم أره يوماً يدخل


مسجد المدرسة ، ولو كنا فى دولةٍ تطبقُ الشريعة


الإسلامية لقطعنا يده ،وارتحنا من أمثاله المجرمين


فتجمَّدتْ الدموعُ فى عين الطالب نشأت ، وناجَى


ربه فى سره بأنْ ينجيَه من هذه الورطة التى وقف


فيها ذليلاً أمام جبابرة الأرض



وهنا اندفعَ الأستاذ سامح مدرس الفلسفة والمُلقب


بسقراط ، وأخذ يهدئُ مِن ثورة زملائه ، ولكن


الشيخ عبد الجبار لايهدأ أبداً ، واشتدَّ الجدالُ


بينهما فسأل الأستاذ سامح طالبَه عن مهنة أبيه


فترددَ الطالبُ وبدأ يروى بلسانٍ اختلطَ فيه الكلامُ


مع الدموع وقال بصوتٍ أسيفٍ:


إنَّ أبى كانَ مهندساً بالحكومة، ولكنه للأسف أصيبَ


منذ عامٍ بالزهايمر ، وأصبحَ قعيداً عاجزاً عن العمل


وإنه يحصلُ على معاشٍ شهرىٍّ قليلٍ لايفى


باحتياجات الأسرة التى تتكونُ من أمى وأبى وأخوتى الأربعة


ثم توقَّفَ الطالب عن الكلام ، وانهالتْ أمطارُ الدموع


المكتومة غزيرةً كالسيل وهو يندبُ حظه العسير


فنظرَ الأستاذ سامح له مشفقاً عليه ، وهو يكابدُ


فى منع دمعةٍ أبتْ إلا أنْ تنزلَ حزناً على هذا


الطالب المسكين ، ولكن الشيخ عبد الجبار لم


يتأثرْ إحساسُه أبداً ، بل ازدادَ صلابةً فى موقفه


المتشدد كتشدد فكره وملبسه ، ومُصِراً بأنَّه


لايعترفُ بالدوافع الإنسانية ، فالسرقة لامبررَ لها


ابدافى نظره...



ودخل الأستاذ مسرور الذى وقفَ متباهياً بأنه الذى


أمسكَ ذاك الطالب اللص ، وقد أحضر ورقةً كبيرةً


ملأها بجرائم الطالب ، مبالغاً فى أقواله ومُحرضاً


للمدير عليه ، وفى ذات الوقت ظلَّ الأستاذ سامح


يستعطفُ المدير بأنْ يسامحَ الطالب ، ولكن المدير


قال بأنه سيطبق اللوائح ، وأنه سيفصلُ هذا


الطالب أسبوعاً ، ولو تكررَ ذلك منه سيتمُّ فصله


نهائياً ، وهنا جرَّ الأستاذ مسرور الطالب نشأت إلى


:باب المدرسة أمام كل الطلاب قائلاً


اخرج أيها اللص الشرير


والطلاب يضحكون وينادونه نشأت يالصَّ الطعام ...



وخرجَ الطالبُ وحيداً بالشارع يتمنى لو تبتلعُه


الأرضُ وخطرَ على باله أنْ ينتحرَ ؛ ليرتاحَ مِن هذه


الدنيا الظالمة ، وتقدّمَ صوبَ نهر النيل المواجه لباب


المدرسة ، وفى أذنه أصواتُ زملائه وهم يعايرونه


بالسرقة ، وقبل أنْ يلقىَ بنفسه فى ماء النيل


كانت يدُ الأستاذ سامح تلتقطه مِن الموت


وتضغط على ظهره بابتسامةٍ حنونٍ ، ثم مدَّ له يده


ليبدأ معه صفحةً جديدةً مِن مشوار الحياة ، التى


مازالت فيها أيادٍ بيضاء تحاولُ تبديدَ السواد الغالب


بقلمى
سمير البولاقى

 
 ملحوظة : برجاء لكل من ينقل قصصى لمواقع أخرى ، بأن يكتب أسفلها كلمة ( منقول ) حتى لا يتعرض للإحراج ، لأننى أتابع أعمالى على كل مواقع البحث ، وأعمالى مسجلة بكل الطرق القانونية ، لضمان حفظ حقوقى الأدبية ، وللجميع تحياتى...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق